المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : من يكمل الصوره ....صوره غزه



Khawaja
12-28-2008, 12:55 AM
من يكمل الصورة ؟؟؟

هاهو واقف يتأمل سر هذا الكون الذي أخذ من عمره خمسة عشر ربيعا
ولم يجد في دربه سوى المآسي والأحزان وأخره كان دمار كنزه "البستان" الذي كان يتنفس فيه قليلا من رائحة عبق تاريخه ، والذي كلما خطا على ثراه أحس بالأمان يتسلل إلى قلبه ، والذي كلما كان يبزغ فيه فجر جديد وجد العصافير تزقزق بأصوات عذبة تحييه ، ووجد فراشات البستان بألوانها الزاهية وبرقصتها الجميلة عند طيرانها تزفه
كل هذا كان ذكرى في صفحات تاريخه الماضي ، كان يروي بستان الجميل بالماء وكذلك بشيء أخر ، كان يسقيه بدموع القهر ، لتنبت في بعض نواحيها نبات الصبر ، لما عاشه من أيام مره وليصبر على ما قد يجري
ذلك البستان لطالما كان دربا يمر فيه المجاهدين فيخبأه البستان من العدو ، لكن ما يلبث حتى يتفاجئ البعض برصاص كالمطر يخترق جسدهم الطاهر فتتغلغل فيه دماؤهم لترويه أيضا كان يروى البستان بأشياء كثيرة لكن للأسف لم يروى بعد بالنصر الحقيقي
كان ذلك البستان منارة تضيء البساتين من حوله لكنه للأسف أصبح ظلاما حالكا ، أرض سوداء وغضبا ساطعا يريدان أن يثوران ،هذا ما حصل مع البستان ومع ذلك الفتى ، الذي ظل يهذي به عندما فقده في واقعه الحقيقي ، فدمع دمعات حارقة تحرق القلب الفولاذ
عندما رأى بأم عينيه وقوع مملكته ، جنته الصاعدة ، بستانه الغالي ، يسقط وهو واقف من بعيد يودعه ، لعل الدرب الصاعد يوعد له بيوم يثأر به للبستان ولأمه ووالده من أولئك الأوغاد اليهود ، الذين يرمون قنابل تربي بسمها لتفتك من تراه وتطعه أربا أربا ، لا تمييز بين كاهل وضيف بين طفل وامرأة
ظل الفتى واقفا مندهشا ، من هول ما رأى ، كل شيء تحطم أمامه لم يكن يتوقع ما حدث ، ثم مضى مسرعا راكضا لأن الدمار أوشك أن يدركه ، أصيب بالجنون لما رأى صار يركض تائها في نواحي المدينة وصل أخيرا إلى باب بيته ، ولج الباب بشده ، عندها تمنى لو أنه مات شهيدا على ثرى ذلك البستان لأنه كان يعلم أن روحه كانت معلقة هناك ،
رمى بجسده النحيل على فراشه الذي أكله الزمان لما أصابه من الآم أصحابه ،تذكر الماضي المملوء بالأحقاد والأحزان ، تذكر أمه كيف ماتت وهي تحتضنه بحضنها الحنون لتحميه من رصاص الغدر ، لتتلقاه هي لتسقط جثتها الطاهرة على الأرض تذكر كيف أخذ أبيه أسيرا وهو مريض بمرض لم يبق على مكان في جسده تذكر كل هذا وغيره
شعر بشيء يثور بداخله ثم وقف لحضه أراد أن يفتح نافذة الغرفة ، لعله يجد شيئا من هواء مدينته المقدسة لكنه أشتم رائحة العطر في كل مكان أنها رائحة البستان ممزوجة بدخان قاتل ، أغلق النافذة تأمل الغرفة جيدا ، أراد أن يفرغ همومه على شيء لأنه لا يجد أحدا ليبوح له بذلك ، لم يجد إلا يديه الفنانة المبدعة ، قد كان يحب الفن منذ الصغر ، فلقد كان يرسم على الرمال وعلى الجدران بحجارة سوداء لأنه لا يملك المال ، أما الآن ففرشاته الخاصة من صنع يديه ، وأوراقه جدار غرفته وألوانه من عرق جبينه
أمسك يرسم الآن ، لم يكن يرسم صور عادية و أنما كانت حقيقية كان يجسد صورة الواقع على تلك الجدران لتظهر تلك الحقيقة المرة رسم صورة طفل بين طغاة الغابرين يقتل ، صورة امرأة وهي تنادي في لحضه وداعها بصوت يقشعر الأبدان " واعر باه " ..... !!صورة شيخ مسن يضرب ، صورة رجل يجر كالأنعام ، توقف لحضه عن الرسم ، رسم صور الظلم و الأظهاد، ولم يرسم صور التحرير والنضال لأنه لم يجد ذلك سوى قليلا ، فجعل الزمان الموعود يكملها
فكر قليلا ماذا سيفعل بالمستقبل بالغد المشرق القادم إذا ظل هكذا ؟ ، لماذا لا يفدي مستقبله فداء لغيره ؟، لماذا لا يأخذ ثأره لأمه ولوطنه ، ؟ فكر مليا وقال في نفسه سرا خوفا من أن يكره المكان ذلك وأعاد تساؤلاته : لماذا ماتت النخوة والكرامة من أصولنا بعد أن كانت متينة لا تقطع أبدا ، حتى صارت المرأة تقتل وتغتصب ولا أحد يتحرك ، لماذا.....؟ لماذا أنا وحيد أ أخذت التساؤلات تأتيه هنا وهناك حتى ضاج فرمى بالريشة بعيدا هناك عند زاوية الغرفة المظلمة ثم مضى بخطى سطرت أجمل حروف الاستشهاد ، ذهب وترك ورائه رائحة عبق أريج تعتنق المكان وكان في طريقه ينشره ليجمع رفاق الشهادة ، قام بجمع الفتية ليتشاوروا ، ثم اتفقوا على رأى واحد وقرروه في النهاية أن يهاجموا العدو بأي شيء ، المهم الجهاد ، وحدوا صفوفهم انطلقوا وقاتلوا رموهم بالحجارة المولعة بالغضب والكراهية ، لكن اليهود رموهم برصاص وقذائف عمياء
خاف العدو من التقدم بسبب تجمع المذهل للأولاد ، ابتعدوا قليلا ثم صاروا يرشقوا بشكل مكثف حتى سقط الشهيد تلو الشهيد وكلمة الله تردد، فوق تلك المعركة أطلت حمامة بيضاء على الفتى اختطفت روحه وذهبت بعيدا هناك إلى مكان مجهول حتى تقوم القيامة ، وتركت جسدا ملتصقا على الأرض ليثبت هويته ودمه يتغلغل الأرض ليصل إلى جذور النبات ويولد أطفالا من صلبه ، لقد ذهب ذلك الفتى لكنه ترك وراءه في غرفته الصغيرة رسمه لم تكتمل تنتظر من يكملها .

الولهان
12-28-2008, 01:41 AM
يعطيك العافية خواجا

أميرة قوس النصر
12-29-2008, 10:31 AM
مشكور :eh_s(2)::eh_s(2)::eh_s(2):