المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : في مهب الوطن



حسان القضاة
02-18-2009, 03:49 PM
في مهب الوطن

الجمعة, 24 أكتوبر/تشرين أول 2008 16:39 اسامه طلفاح


http://www.al79n.com/images/stories/tilfah.jpgيبدو أن كلّ شيء لدينا قد تغيّر مع تغيّر الزمان و مروره، فـ مع ما نعيشه اليوم من تطورغير مسبوق، تغيرت لدينا كثير من المفاهيم التي اعتدنا عليها سابقاً، و اتضحت لنا صور كثيرة، لأمور كنا في غفلة عنها، و هذا بذاته شيء جميل، كثيراً ما تسعى له الشعوب و الأمم.
و من المفروض مع ذلك التغيير الذي بات يعيش معنا في كلّ لحظة، أن ننظر إلى الصورة الجميلة دوماً، و أن نغيّر أنفسنا إلى الأفضل، دون اللجوء إلى أي مبدأ من مبادئ الحياة المادية التي نعيشها اليوم، ودون اللجوء إلى مبدأ التخوين و طخ الوطنيات و القوميات على حساب الشعوب التي تسعى إلى حقها في الحياة، و تسعى إلى تطوير ذاتها، ليستحق ذلك الشعب وطناً عشقه منذ اليوم الأول الذي انتزعته الحياة به من رحم أمه.


و من ضمن المفاهيم التي تطورت بتطورنا كبشر!، و تطور حياتنا التي طغت صورة المادية البشعة على صورتها المعنوية الجميلة، مفهوم الولاء و الانتماء للأرض التي حملتك يوماً، و عشقتها عن دون بقاع الدنيا، فأصبح ولاؤك و انتماؤك لوطنك، لا يُحَـدَدُ، إلا بتطبيلك و تزميرك، لكلمات ليس لها مضمون، يطلقها المذياع يومياً، يُطلًقُ عليها أغانٍ وطنية، لنعيش على إثرها حالةً من التخدير التام، و حالة من حالات الانقطاع عن الروح و الجسد في سبيل تلك الصورة التي نتعمّد أن يراها المسؤول منّا، كل ذلك على حساب الوطن، ذلك الوطن الذي نسعى إلى أن يكون أولاً بكلّ ما فيه، دون اللجوء إلى مبدأ التخوين من جديد و طخ الوطنيات التي سندخل لا محال، كتاب جينتس للأرقام القياسية بسببها.


ولائي و انتمائي لوطني، لا يحدده برنامج، أو مُبرمج، و لا تحدده كثرة الشعارات ولا الأغاني الطنّانة، التي هي أبعد ما يكون عن الوطنية ، بل باتت، لا تمثل إلا نفاقاً اجتماعياً و سياسياً، و حالة من حالات الانحطاط الفكري للأسف.


و بهذا، نمسي اليوم، لنعيش حالة من حالات حوار الطرشان، حوارٍ يرتكز على مبادئ، لا شأن لها بمفوم عشقك و عملك من أجل وطنك، الذي تسعى إلى رؤيته دوماً بمصاف الدرجة الأولى، بشبابه، علمهم و عملهم، من أجل الرقي بأوطانهم، و من أجل كسر الصورة النمطية التي عاشها الكثيرون، و التي لم تأتِ للوطن، إلا بما هو سيء.


نستيقظ كلّ صباح، لنقول لأنفسنا صباح الخير، مع يوم جديد، يوم كله مشقة وعمل، و نعد قهوتنا الصباحية، لنشربها بذات الفنجان اليومي، و بذات الطعم الذي اعتدنا عليه، و نشعل ما تبقى من عمر الخريف، عبر سيجارة لم تتغير، و نذهب للعمل، بذات الطريق التي سلكناها يوماً و نسلكها كل يوم، و في المساء، نعود من ذات الطريق، و نطرق ذلك الباب، أملاً بأن يفتح لنا أحدٌ ذلك الباب المؤدي للأمل.. لنكتشف بعد كلّ ذلك الطرق، أن لا أحد في البيت سوانا .


ندخل و نعد العشاء بذات الطريقة التي اعتدنا عليها يومياً، و نشاهد الأخبار، ونسمع ذات الأغاني، و نقرأ من كتاب الحياة شيئاً، و نطوي تلك الصفحة .. هي نفسها .. ذاتها، من جديد، و نستعد لخوض غمار النوم، على أمل يوم جديد، .. و ما أن نبدأ بالنوم، حتى ينقض علينا ذات الحلم الذي يراودنا منذ طفولتنا ...
اسامه طلفاح