المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مذكرات متخرج 3



شاهر جوهر
05-22-2011, 12:40 PM
مذكرات متخرج ..(3)

شاهر جوهر...

إن كان " مارسيل خليفه" قد تغنى ل"محمود درويش" لأجمل الامهات ...وإن كانت احلام مستغانمي تحسست اجمل حب " بأنه ذاك الذي يأتينا أثناء بحثنا عن شيء آخر...." وإن كان " برناردشو" تحدث عن " أجمل الافكار بأنها " تلك التي تأتينا ونحن نمشي" ...
فأنا اليوم سأحدثك عن أجمل الابتسامات تلك التي تأتينا من وجه حلمنا دوماً بتقبيله...
لذا سأحدثك عن مريم ......
انا اليوم مدرس لمادة التربيه القوميه الاشتراكيه ولمادة الفلسفه وذاك في الثانويه الوحيده في قريتي , وفي هذه الثانويه أيظاً درست.. وفيها وقبل تسع سنين عرفت " مريم" .... وهي صبية تصغرني بعام , وتشاركني النحول " والهبل" ... رغم اني جاهدت طويلاً لتشاركني المحبه لا اكثر .... كان ذاك في شتاء 2002 وكانت هي المره الاولى التي تم فيها افتتاح فرع ادبي وآخر للقسم النسوي بنفس المدرسه .. وكانت المرة الاولى التي فتح فيها الحب قلبي بمعناه البطولي .. المرة الاولى التي وجدت بها أنني كبشري رمز للروعة لا للفوضى ...للمرة الاولى التي وجدت بها أن كمالنا لا يأتي الا بالمحبة الكامله ...لأنني آمنت ولا زلت بأن الانسان الكامل او الاقرب للكمال هو ابن المحبة الكامله...

مرت الايام وتوالت الصدف كنت ارى في عينيها نوعاً من جوع ...ما دريت تفسيره ...إن كانت الذاكره لدى "همنغواي" هي احدى انواع الجوع فالحب عندي هو كذلك ...لأني أظن انه عوز ... أو شيء يشبه الرغيف...لست ادري .. كل ما ادريه حقاً اننا بحاجه اليه ...فمن غيره يشفي جراحنا...بحاجه لان نأخذه مع كأس ماء كلما آلمتنا الوحده وأشقتنا الحياة ...بحاجه له كي نذهب في الصباح نشيطين الى المدرسه ولنحل نظريه لفيثاغورث أو تالس ونحن مسرورين....إنه الحب يا رفيقي يبث في كتفيك المهزومين اناشيد النصر ...ويجعلك ترى الذئاب في وداعة حالمه ...ألم يقل قائل بأن " الرغبة تجمل ماهو قبيح" اذاً وحدها الاشجار العاريه تغريني عندما احب ...ووحدها تأوهات الينابيع وأصوات الحمائم وأسنة الشمس الناعمه تغريني اليوم ...

خطت الايام خطوتها العضيمة نحو الزوال ...وأخذت الساعات تمضي دونما رتابه ...وكنت كل يوم اقف لها من بعيد كي اراها وهي تتمايل في مشيتها الساهده ...كان قلبي يتفلع كلما إبتعدت عني دون ان تحدجني ولو بنظره.. فهي من أيقضني من سبات التقليد الى ميعة الحداثه على حين غفله ...كنت في السابعه عشره عندما عاثت في روحي خبثاً وطهاره ...فمن منا لا يذكر الفتاة الاولى في حياته ...من منا لا يذكر الابتسامه الاولى في حياته ...
أحببتها كثيراً ...وكنت دائماً انشد لمحمود درويش بيته الرائع:
"وحدي على المقعد
والعاشقون يبسمون
وخافقي يقول ونحن سوف نبتسم"
****
أمضيت ذاك العام بمحبة صامته وعلى أمل " بكرا بحكيلها " أو " بكرا بتعرف إني بحبها"... فقط أرمقها من بعيد ..... مجرد رؤيتها تريح قلبي ... لم ادع مكاناً تذهب اليه حتى تبعتها بنظراتي.... كنت انتظر الفرصه ...الفرصه التي بها اقول لها تلك الكلمه المجنونه... مرّ عام كامل ....ولازلت أنظرها...
-"إبتسمت ...." يقول رفيق لي بصمت " ابتسمت... يارجل ابتسمت لك..."
-أقول له ممازحاً وكلّي لهفه: "يعني ما كنت عم بحلم ..."

أخيراً إبتسمت ... ولابد وان ابتسم .... اليوم فقط أستعير عبارة ل"غوته" لأقول "قف ايها الزمن ما أجملك " أقول " ان الوقت ملكي وأن أرضي هي حصادي.."... اليوم فقط أقول خلقنا لنبتسم ...خلقنا لنحب .... اليوم فقط أقول أني إحتويت كل ذاك السحر في إبتسامه ...

في اليوم التالي جاءت إبنة عمي ممن تشاركها مقاعد الدراسه لتخبرني على عجل ان مريم تريد ان تتحدث معي غداً ... عدت الى البيت وأمضيت ذاك النهار أمام المرآة أتدرب على الحديث وأختار الكلمات المزوقه والمناسبه ليوم غدٍ.. أجرب إبتسامتي ...ثم أضحك بقهقه عاليه ...ثم أعبس ..ثم أتكلم برزانة ...أصدر نكته وأضحك عليها... كل ذاك باحثاً عن وضعيه أجدها جميلة للحديث معها..جربت كل شيء إلا الدمعه لأن مكانها ليس اليوم..تساؤلات كثيرة تمر في رأسي ..ماذا أقول لو سألتني عن كل تلك النظرات.."أني حبيتك..." أو " أنا معجب فيكي"...لا لا لا " من أول ما شفتك حبيتك" ....ليس مهمٌ ما سأقول المهم أنها أحست بحبي...
****
مال قرص الشمس الاحمر الى الزوال ...وجاءت تباشير الصباح ندية جميله... جميلٌ هو ذاك النهار ... فإسمعوا يا عالم فأنا اليوم على موعد مع الحب .. أنا اليوم على موعد مع مريم...
بخطوات ثقيله مرتبكه مددت ساقاي النحيلتان اليها .... مسرعاً ذهبت وقد أثقلتُ شعري بمثبتات الشعر كما أفرغت وعلى عجل عطر أختي النسائي على لباسي ...على الطريق أحدهم يصفّر ...وآخر معلّقاً يلقي كلمتين ويذهب :
-" شو أبو الشيش لمين هالشياكه.."
أرد ممازحاً وكلي ثقه :
-" مافيي عيش من دون شياكه أصلاً.."
****
أنا الان في الساحه الرئيسيه للمدرسه ...ها وقد جاءت ...وبإبتسامة عريضة إحتوتني...وبإغنية هنديه جميله أصف شعوري لحظتها:"جميلٌ إحساسنا ونحن نمشي على هذه الطريق ....تعالي لنمشي أميالاً وأميالاً من دون عنوان لنا ...تعالي فسوف نجد في الدنيا طريق لنا.."
إقتربت وقالت كلمتين لا أكثر : "عندي لك طلب ... لا أستطيع أن أتحدث معك أكثر ...أترى (حسن) خلفك ....أريدك أن تسلمه هذا المضروف ...وأتمنى أن تخبره أني مغرمه به...لأني أخجل أن أصارحه بذلك ...وإنتا أحلى أخ بالدنيا.....!!!!!"
تسمرتُ في مكاني ...وبدا دمي يرتفع اصبعاً اصبع الى يأفوخي ..وربما حرارة احشائي هي التي جعلت الاحرف تخرج متقطعه من ثغري ..جمدت عيناي ..وسقطت دمعه ...دون ان يواسيها رمش او ان يمسحها جفن ...سقطت اخرى ...حل صمت ...سكون ...شعور بالاسى بالندم بالاشفاق لا اعلم ...يدها على يدي تربت برفق...يدي على يدها تنزلها بعصبيه...وانصرفتُ ...خطوه ...خطوتان ...يداي في جيبي ...عيناي تفيضان دمعاً ..اتوارى خلف حاويه خلف جدار لعل دموعي تنتهي ...لكني ما دريت ان مخزون الدمع بحجم مخزون الجرح....

كان "حسن" واحداً من " جماعة الصلعان" وهم بضعة شباب حليقي الرأس قرروا تشكيل فريق كرة قدم في المدرسه ...لست اقول انهم فاشلين كما يظن طاقم تدرسينا ...بل كانوا يتسموا بطابع الحركيه والفضول ... بعد تلك الصدمه قررتُ الانظمام اليهم لان الفتيات يحببن الرجال المتميزين بكل شيء ...وسرعان ما عدلت عن رأيي وقررت ان أحدد إتجاهي وان اكوّن شخصيه مستقله لنفسي ....ومن ذاك الحين لست اتبع نهجا فكريا ولا سياسيا محدد ...حتى اني اصنف نفسي من أنصار " جوزيف برودون " اي من اتباع "الفوضويه"....فان سألتني من انا ...؟ فأنا اليوم كل ما تعتقده..لص ..محتال ...سفاح..خيّر ...كل ما تريده ..كما أنا بعثي النزعه... شيوعي التفكير ...قوميٌ سوريُ الهوى..

يتبع......


والله ولي التوفيق

طوق الياسمين
05-22-2011, 03:58 PM
شو حلو :(
قرأت وانا مشدودة

Sc®ipt
05-25-2011, 02:22 AM
رااااائع
لا تتأخر علينا بالتكملة

العقيق الاحمر
05-25-2011, 01:09 PM
أي سحر تملك يا انت لتجعلني أنتظر كتاباتك بشغف؟!

من اجمل ما قرأت في هذا المنتدى هو قلمك...
دام قلمك مبدعاً

انا في الانتظار.......

دموع الغصون
05-28-2011, 07:14 PM
أخذتنا برحلة جميلة لنعود معك ونفتح صندوق الذكريات ونعيش كل لحظات الحياة وتناقضاتها وصراعاتها و ألمها و بساطتها وبرئتها ومشاعرها
تفاصيل بسيطة ولكنها أخذتنا بأروحنا لنعيش معك ونتمعن بكل كلمة و يترك كل حرف أثره في النفس وقد يجبر شريط ذكرياتنا إلى الرجوع إلى حروف تكاد تعزف على أوتار ذكرياتنا
لا تطل علينا فكلنا شوق لنزف قلمك و رنين حروفك و رؤية شريط ذكرياتك
أنتظر المزيد والمزيد كن بخير