اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بنت القمر
تلك الرسالة ....
لا زالت تعيث في الذاكرة فسادا....
وما زال يتوهم الجميع... انني غير اعتيادية بحكم العادة... واني امراة تستطيع بث الامل في امة قتلها البؤس وصهر بوتقتها الانتظار...
وما زال اكثر الجمع على حالهم يتسمرون امام عتبات منزلي ... حينا يذرفون الدموع وحينا بالصراخ... واحيان كثيرة يكتفون باستراق السمع من نافذة صغيرة محمية بسراج من وقع الذاكرة...
انت... اكثر الاشياء الما وفرحا في حياتي...
كل اركان ذاكرتي مبنية على اجزاء منك ... وكل تفاصيل قوتي مصدرها انت... لم اكن يوما امراة تجيد فك الالغاز ولا السير في متاهات الارواح بحثا عن شيء لا يعنيها... ولم اكن يوما احلم بمعركة او انتصار... ولم تكن تعنيني الهزائم ولا تثير شهيتي الذكريات... ولم اكن يوما اعبأ بالوقت ولا بالليل ولا بالسماء...
كنت اكتفيت منذ عمر بورقة وقلم وقصة صغيرة اقراها قبل النوم... لتلج الى ذاكرتي وتستبيح حرمة روحي... وتجبرني ان اوقع هدنة مع كل نقيض في حياتي...
كنت اكتفيت بوردة بيضاء صغيرة تضيء عتمة ليلي... وتذهب عن بقايا روحي رائحة الموت التي تعبق بالاجواء... لتنسل الى قلبي... وتجعل مني فنانة تجيد ارتداء الالوان...
الم يخبروك عني اني لا اجيد الرسم الا بالابيض والاسود... الم يخبروك عني اني امراة لا تعرف طعم السكر... ولا تجيد التزين يوم العيد... ولا تحلم ان تكون بيت شعر في قصيدة... ولا نوتة في مقطوعة موسيقية باردة... الم يخبروك عني اني امراة عاطلة عن الامل؟!!
الامل... قصة اعتادت الطفلة التي تكتب الرسائل الجميلة ان تهديني اياها... كان تظن... اني المؤهلة الوحيدة لاستلام تلك الرسائل... واني مثلك كل يوم احلم اكثر.. ..
جميعهم - بما فيهم انت- لم يعلموا اني كل صباح ارتدي قناعا من الابتسام واسير في شوارعكم بحثا عن شيء ما فقدته ذات عمر في ارجاء مدينتكم الفاضلة...
شيء... لا يشبه اشياءكم... ولا اظن ان مثلكم قد اعتاد وجوده... شيء ما زلت قادرة ان انصت في سكون الليل الى انتحابه... وصوت موسيقي بارد يرافقه بالبداية... شيء يشبهك في سباتك... حينما تترك روحك تعانق صدري ... ويدي تسبح في فضاء يديك دون ان تشعر برهبة اللقاء...
لماذا؟!! كلما همت روحي بالقفز الى صدرك اغلقت يديك... وكلما حزمت امتعتي وقررت السفر الى مساحات عينيك... الغيت كل تاشيرات الدخول... واخبرتني ان المكان مزدحم... لماذا كلما ايقنت اني لا املك مكانا في تفاصيل قلبك عدت اللي محملا بجرعة اضافية من الامل... اني ساجد هذه المرة مكان ... لاصدقك ... واحزم امتعتي ... واقترب بحذر... وحينما ابتسم... تغلق كل بوابات روحك امامي... وتجبرني على الانتظار وحدي هناك....لماذا انا فقط؟!!
لا شيء يدفع بحياتي الى الامام...
الايام تسري في تفاصيل جسدي سريان الماء في انبوب بلاستيكي... والذاكرة معبقة بملايين القصص الغير مكتملة... لم اعد اعبأ اي الاشياء انت... واي الاشياء دونك... ولم يعد يستثيرني همسك في اذني ... وكل اسرارك الصغيرة والكبيرة... استطيع ان اخبرك اياها قبل ان تفكر فيها حتى... فمثلك لا يجيد الاختباء...
مع ذلك كنت وما زلت غبية بما يكفي... لاصدق بضعا من احلامك... بضعا من عباراتك الملونة بالاحمر... وبضعا من غرورك كرجل...
لا شيء يدفع بي....
وسؤال يتشبث باطراف رزنامتي... لماذا توقفت الساعة عن احصاء ايامي... ايامي بانتظارك؟
ما الذي فعل ذلك؟
لا تعجب... ولان عجبت فاعلم اني ما عدت احفل ... هل تجري بحثا عني او تتسمر في مكانك... لم اعرفك يوما كما اشعر اني اعرفك الان... ولا اظن ان مثلي كافي بالنسبة لك... انت رجل تجيد حبك الحكايا.. وانا لست الا امراة ما عادت تشعر ان لديها ما يروى او يبعث فكرة حتى في رواية...
لا تعجب... حتى انا كنت اظنني كمثلك... لافاجأ اني لا اشبهك البتة... وتلك الرسالة... وثقت لي تفاصيل الحكاية...
ولقد تعبت...
اشعر انني ما عدت تلك الصغيرة التي تكتب الرسائل الجميلة... وانت رجل ما زلت تبحث في عيني عن تلك الصغيرة... صدقني ان اخبرتك اني قد اضعتها هناك... واني من يومها ما زلت عبثا ابحث عنها...
ذاكرتي المسيجة بصورك.. ستتشبث بك... وكل تفاصيل روحي ستبقى مضمخة برائحة عطرك... وانا ساكتفي بالاستلقاء على اريكة حكاياتك... املا ان اجد تلك الرسالة ... لتعود اليّ حينها... وتخبرني ولو كذبا... اني ما غبت عن ذاكرتك يوما... واصدقك ... لان ذاكرتي ما عادت تجيد السفر الى وطن الا عينيك...
الى حينها... ماذا اريد؟
ما زلت اطوف بالشوارع محملة بالاقنعة... وفي يدي مصابيح انارة معطلة غير قادرة على منحي النور اللازم للبحث عنك...
لم اعد اهتم...وهل كنت اهتم....لا ادري!!!
واينما تكون اللحظة... قلّب اوراقك وابحث مثلي عن تلك الرسالة... وان وجدتها اعدها اليّ... او مزقها لم اعد اهتم... ما يهمني هو ان لا تدلق انسانيتك علي... وان لا تحاول استلالي من رحلة بحثي... ان لا تسلبني ذاكرتي المليئة بصورك الجميلة... بان تعود اليّ محملا برسالتي... مغلقا ذراعيك امام صدري لتخبرني بما اعلمه مسبقاً... اني لم اكن يوما اشبهك...
ان وجدتها ....ابتعد...
نعم ابتعد...
ودعني اواجه التعب في شوارع ايامي... وفي احضان قلبي رسالة اهديتها ذات عمر اليك...
" لا يكون الحب قرارا ابدا"...
حينما تدرك ذاك فقط...ستجدني في احدى مساحات روحك... وفي يدي مطلع قصيدة جديدة اهديها اليك...
" وداعا ...الى حيث التلاق...."
ذاكرتك المستباحة في ارجائي...
عاطلة عن الامل....
سيدتي ..سأكتب دون مقدمات.. فرجل مثلي .. لا تعنيه المقدمات
أنتِ..من سرق الرساله عن وسادتي عندما كنتُ منشغلاً
في التأمل بتفاصيل رسمتك الجديده .. فكم كانت رسمتك تشبهني ولا تزال تشبهني ..
أنتِ من رسمتني دون ألوان بحجه ضياع علبه الوانك ..
لا ازال احرر صورتي في عينيك من ذلك السواد الذي يغمرها .. ويقهرها.. ويشوهها..
أنتِ من جرد الزمن من الزمن .. واضاع بوصله اللقاء .. لنلتقي
فوق رماد الاحلام .. وقبور الأمل
أنتِ من وقع هدنه مع الشوق .. ورفع الرايه البيضاء للخيانه ..
التي لم تأتي قط .. إلا في احلامك التي يسكنها الشيطان .
اما اخبروك أن السفر في عيون من نحب لا يحتاج إلى
تأشيره دخول .. فقط الغرباء بحاجه لذلك ..
وأني فقدت نياشيني وأوسمتي يوم فقدت أنتِ قدرتك على اعطائي الأمل .. بابتسام عينيكِ
وأني أحرقت كل قصائدي أمام سياج الذاكره ..
عله يرشدني إلى كل تلك الطرق السريه التي كنتُ أعبر منها إليك .. لأجدك
.. وأهديكِ علبه ألوان .. فقد أرهقني رسمك بالابيض والاسود.
أما أخبروك بأني لا أزال اعيش كل طقوسنا القديمه بعيداً عنك ..
فأرقص على موسيقى انفاسك اشتياقاً .. واكتبُ على شواطىء البحر عتاباً .. ثم ابحث عنكِ فلا أجد إلا سراباً..
وتخبريني عن الأمل .. وأنتِ لا تجيدين سوى اغتيال الاحلام ..
والهروب من حبات المطر .. اتذكرين .. كم كان يجمعنا المطر.
وكم كان يعشقنا المطر..
عباراتي الملونه بالاحمر أنتِ من سرق الالوان منها.. وامتص روح الوانها .. وكفنها بذات الرساله ..
اسراري الصغيره وحكاياتي القديمه .. لم تكن إلا أنتِ
قبل أن أجد اسراري مرسومه في عيون الذئاب .. وحكاياتي .. تمتهن السراب ..
الأمل كان يأتي مع المطر .. مع صوت قلوبنا تزف بشرى المطر ..
مع ارتفاع اكفنا تضرعاً لقدوم المطر .. مع تفاصيلنا الصغيره
لحظه انهمار المطر .. مع كل تلك الفوضى التي كان يتركها
فينا المطر .. مع ينابيع الصدق تزاحم فيضان المطر .. مع صوت
الطفوله ..وصوت المطر .. كنا نجلس ليباركنا المطر..
فيغسلنا ويعمدنا ويطهرنا من زلاتنا قبل ولاده المطر ..
كان الناس يهربون من الشوارع إلا نحن لا نلتقي إلا عند انهمار المطر ..
فنركض في الشوارع حتى نصل هناك .. حيث دفن الأمل ..
فدعينا نذهب اليوم لنرقص رقصتنا الآخيره .. على ذلك الضوء..
فوق قبور الأمل ..
تريثي قليلاً فربما.. رقصتها مع السراب قبل زمن .
حسان القضاة