لا يختلف اثنان على أن اتهام الآخرين بدون دليل خطأ كبير، وإثم بالغ، ولكن حين يستشري الفساد، وتباع كثير من منجزات الوطن وأراضيه، وتتضحم المديونية، ويصبح الوطن في خطر، وتقوم هيئة مكافحة الفساد بتحويل1154 ملف في سنة 2010 فقط، وما زالت العملية مستمرة؛ يتساءل الناس ما هو الحل؟ هل يبقى الناس نياما مطمئنين إلى أنهم في أيد أمينة مثلما كانوا من قبل؟ أم يصحون لحماية ما تبقى من الوطن، وكرامة المواطن؟إذا كانت الحكومة تسعى لإسكات الناس، من خلال تغليظ العقوبة عل الصحفيين وغير الصحفيين، وترهيبهم، فإن هذا لن يتحقق لها بالعقوبات مهما غلظت؛ لأن الباب مفتوح لنشر المعلومة على مواقع كثيرة خارج حدود الوطن، وهذا سيساهم في نشر الأخبار على المستوى غير المحلي؛ مما يسيء للوطن ورجالاته الأبرياء أكثر، وحتى إذا ما قامت الحكومة بتشفير بعض المواقع الإلكترونية، فإن هذا يغري كثيرين قادرين على فك التشفير، وجلب أي معلومة وتداولها بطرق مختلفة، ومثل ذلك يفعل المغتربون في الدول الأجنبية والعربية، فهم يرسلون أي معلومة تنشر هناك إلى الأردن، فلا يكفي القول إنّ العالم أصبح قرية صغيرة، ولكن على قراراتنا أن تكون مواكبة لهذا الواقع، فلم يعد الفاسدون بمنأى عن أحد، والأمر لا يحتاج إلى أكثر من طباعة الاسم على الجوجل أو غيره، وتصل إلى أي معلومة تريدها.إن أحد أسباب حماية الأردن من الانزلاق في فوضى الثورات ما يملكه الشعب من حرية التعبير، لاسيما في المرحلة الأخيرة، فقد بات معروفا أن ارتفاع الضغط يولّد الانفجار، وبث مكنونات النفس يريح الإنسان، ويمنعه من ارتكاب مخالفات كثيرة.كان يمكن للحكومة، ومجلس النواب أن يقوما بتهذيب الحرية بدلا من تركها على غاربها، وحتى تبرهن الحكومة على مصداقيتها كان يجب عليها بالمقابل أن تغلظ العقوبة على الفاسدين، وتضيّق عليهم، وتيسّر آلية الكشف عنهم، وتُسرّعها، وتثبت للمواطن أنها جادة في ذلك من خلال معاقبتهم بدل تهريبهم، والحرص على راحتهم في سلحوب وغيره...، ولا يجوز أن تشدد العقوبة على مَن يكشف عن شخصية متهم بالفساد بعقوبة أضعاف عقوبة سب الذات الإلهية، والأنبياء والرسل، وتتجاهل تغليظ العقوبات على مَن اغتالوا الوطن، وأفلسوه بفسادهم، وتقول بعد ذلك أنها تسير في ركب الإصلاح! فطريق الإصلاح بيّن، ومطالب الناس واضحة، والحكومة تبتعد كل يوم أكثر عنهما، بل هي تمأسس للفساد، وتشرعنه، وتحصّن الفاسدين، وتفعل عكس ما تقول، وتعرّض الوطن للخطر بغرس السكين تلو السكين في خاصرته؛ مرة بدعوى الإنسانية(علاج شاهين في الخارج)، ومرة بدعوى الليبرالية ( إقالة محافظ البنك المركزي تحت تهديد الأمن)؛ ومرة بدعوى مساعدة المحتاجين(صرف الشيكات للنواب)، وأخيرا، ونرجو أن يكون آخرا بدعوى اغتيال الشخصية تقرّ المادة 23 سيئة الصيت؛ لذا فإن القول الفصل في هذا كله: فليخسأ الفاسدون جميعا، وليحفظ الله الأردن، فالفاسد لا شخصية له. د.امل نصير

تفاصيل الخبر هنا..