بقـــعـــــة طــيـــن

بقلم عرفات بلاسمة

كان الدكتور احمد في زيارة الى احد المرضى في المخيم ، وبعد ان اجرى له العلاج اللازم ، هزه حنين للتجول في شوارع المخيم ، أخذ يتجول بين الازقة فرحا، تنقل من زاوية الى أخرى ، من حارة الى حارة ، ودون ان ينتبه ، داس على بقعة من الارض اختلط فيها التراب بالماء ؛ فأصبحت بقعة طينية لم ينزعج بل فرح كثيرا وتوقف ليراقب حمامتين تتحاوران على احد أسقف" الزينكو ".

اياك ان تتسخ ثيابك فلا يوجد لديك اخرى تذهب بها الى المدرسة ....... حافظ عليها فقد لا نستطيع شراء ثياب أخرى لك هذا العام ....... أو قد نشتري لأخيك الاكبر كسوة آخر هذه السنة....... إن اشترينا فستأخذ أنت ثيابه التي اصبحت على قياسك.

يخرج احمد الى المدرسة صباحا ....... يطبق نصائح امه ، فيقفز من زاوية الى أخرى حتى لا تتسخ ثيابه ...... كان معجبا ببنطال أخيه الاكبر الذيي قد يلبسه نهاية العام ..... يدخل الى غرفة الصف الاسبستية ..... يقرأ درسه الاول بعد الخمسين " عاشت فلسطين حرة عربية " .... يتمنى لو يكبر سريعا حتى يستطيع العودة اليها ..... فعندما يكبر سيصبح صاحب قرار وسيتمكن من الاستقرار فيها .

كانت حبات المطر تتناثر بغزارة عندما كان كان في طريقه الى العودة من المدرسة ........ مرة اخرى يقفز عن المناطق الطينية مهرولا ، فالمطر يعانق ثيابه بحرارة ........ وصل الى المنزل دون بقع طينية ، لكن ثيابه كانت قد اشيعت بالماء ....... تركها متناثرة في انحاء الغرفة لتجف حتى يتمكن من ارتدائها في الغد .

كان شغفا بالدراسة حتى الابداع ..... شعلة الشمعة تراقبه كل مساء ..... كادت تشفق عليه ، فقد درس كثيرا كي يجتاز مرحلته الثانوية ...... كانت الفرحة عارمة " عندما عاد الى المنزل بعد اعلان النتائج متفوقا " ..... الزغاريد تتناثر في انحاء الحارة ....... يجتمع الجيران ...... يفرحون لأحمد كثيرا ويغنون له ...... حمامتان تحلقان في السماء ......... هاتفه النقال يحمل في انغامه صوت سكرتيرته في العيادة : المرضى بانتظارك يا دكتور ........ يقفز بخفة من تلك البقعة الطينية الى منطقة جافة ...... يواصل طريق العودة الى العيادة ....... الحمامتان تواصلان التحليق الى الغرب وتبدأ الحكاية .