ادارة المنتدى
10-20-2009, 03:12 AM
يصور صبحي الحيدر (26 عاما)، شعوره عند مغادرته الوطن واغترابه عنه بحثا عن عمل مغر قائلا "شعوري بالغربة كشعور طفل فارق حضن أمه".الحيدر كان يعيش، كما يبوح، على حلم كبير اسمه "دول الخليج القادرة على قلب أوضاعي المادية رأسا على عقب، حيث تهطل فيها الأموال بغزارة مثل المطر".المفاجأة التي صدمته، ان ظروف العمل هناك أصعب مما كان يظن وأن معظم الشركات تستعين بذوي الخبرة الموجودين منذ زمن في تلك الدول.وحول طريقة تعامل الكفيل معه، يقول الحيدر "يقوم الكفيل باستبعاد الشخص اذا قام بمعارضته أو لم ينفذ أوامره، علاوة على تهديده لي بالترحيل ان لم أعطه راتب شهر من اشهر عملي هناك".ما يحول بين الحيدر وبين عودته الى وطنه "الخوف من الألسنة التي ستنعتني بالفاشل" وينهي كلامه وبصوته غصة "إنني مستعد للعودة في حال وجدت عملا في بلدي ولو بنصف الراتب".المهندس المغترب في بريطانيا يمان اليشات (33 عاما)، يشاطر الحيدر الرأي قائلا "الفقر في الوطن غنى والغنى في الغربة فقر". ويضيف بغصة حزن لا تقل عن الحيدر "درست في بريطانيا وعملت فيها وحققت مكانة مرموقة هنا. ورغم ذلك حاولت مرارا العودة الى أرض الوطن ولكن لم اجد الفرصة التي تناسب مؤهلاتي فقررت الاستقرار في المهجر".الاحساس بالغربة، والقيم الاجتماعية المختلفة عما هو موجود في بلاده، واقتصار الحياة على العمل، هي الصعوبات الأساسية التي يواجهها اليشات في بلاد الغربة، كما يعدد.وفي أحيان كثيرة ينسى نفسه امام فرص الكسب المالي الوفير الى ان يصل إلى متاهة اغترابه عن نفسه وهي "أسوأ أنواع الاغتراب"، كما يرى، في متوالية غربة لا نهاية لها.رهام الأحمد (29 عاما) تذهب الى ان للغربة فائدة كبيرة، إذ أنها تعمل على تقريبنا بشكل أكبر من واقع المجتمعات الاخرى، وتلعب دورا في اكتشاف انفسنا على خلاف ما نسمع به أو نراه في وسائل الاعلام لما لها من دور في توسيع مداركنا والتعرف على عادات الشعوب ومعتقداتها.وبعكس الحيدر واليشات، انسجمت الاحمد مع قسوة الغربة لأنها لا تخلو، باعتقادها "من الأشياء الجميلة والمفيدة".وفي سياق متواصل، يرى اختصاصي علم الاجتماع فايز الصياغ ان الهجرة عن الوطن "لها مبرراتها ودوافعها" التي منها، كما يعدد "انعدام فرص الحصول على عمل لائق في الوطن أو لمتابعة الدراسة أو لاكتشاف العالم الخارجي".فوائد الغربة وإيجابياتها اكثر من سلبياتها، بحسب الصياغ، الذي يرى أن بعض هذه الايجابيات تحمل بعدا وطنيا وليس على المستوى الفردي فقط، مثل مسألة التحويلات، وضخ عملات اجنبية في عجلة الاقتصاد المحلي.ويذهب الى ان "تحويلات المغتربين العاملين في الخارج تسهم في ازدهار الاقتصاد الوطني بشكل كبير وتشكل احد مكونات مصادر الدخل الوطني في الاردن".وما نشهده ايضا في كثير من مناطق العاصمة عمان ومدن اخرى من مظاهر العمران والاسكان يعود بشكل اساسي الى تحويلات العاملين المغتربين لا سيما في منطقة الخليج العربي، كما يوضح الصياغ.من جهة اخرى، يشير الى ان الاغتراب الى مناطق سواء في الخليج أو اوروبا أو اميركا من شأنه ان يوسع القاعدة المعرفية ذات الاصول العربية من حيث حصولهم على فرص التعليم ونشر الثقافة.لا سيما عند عودة هؤلاء الى ارض الوطن لتوظيف المعارف التي اكتسبوها لخدمة التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية.الصياغ يشك "كثيرا" بفكرة ان الغربة يمكن ان تؤدي الى تراجع الانتماء الوطني، ويرى انه كلام يفتقر الى الدقة.اختصاصي علم النفس د. مروان الزعبي يستعرض الآثار النفسية المترتبة على المغترب ويرى ان الانسلاخ عن الثقافة الام هو "من أصعب تلك الآثار وأخطرها".كما ان الشعور بالغربة يزداد، بحسب الزعبي، بسبب الخواء العاطفي وغياب الحميمية وعدم وجود تواصل بين المغترب وبين الناس من حوله في بلاد الغربة.إلا ان هذا الشعور بالغربة قد يتلاشى، كما يورد الزعبي، بعد التأقلم وتجاوز الفترة الاولى من السفر والاقامة في بلد غريب وبعيد.والتأقلم مع مجتمع وعادات وناس فرضت الغربة التعامل معهم، كما ينصح الزعبي، ضروري للمغترب الذي ينبغي ان يكوّن، بحسب الزعبي، علاقات اجتماعية حميمية مع الاشخاص من حوله لتحقيق الشعور بالانتماء، وذلك من خلال ارتياد المجالس والمقاهي التي لا تشعره بالوحدة.وهي الطريقة التي يرى الزعبي أنها (إضافة إلى ممارسة الرياضة التي ثبت علميا قدرتها على المساعدة على الاسترخاء والتنفيس عن مشاعر الغضب) تقلل من آلام الغربة.
تفاصيل الخبر هنا... (http://www.jordanzad.com/jordan/news/117/ARTICLE/25150/2009-10-20.html)
تفاصيل الخبر هنا... (http://www.jordanzad.com/jordan/news/117/ARTICLE/25150/2009-10-20.html)