ادارة المنتدى
11-14-2009, 04:51 AM
ترقرقت عيناه وهو ينظر إلى صورة الراحل العظيم الملك الحسين بن طلال رحمه الله، عندما عج المدرج الروماني بحضوره الكثيف بالتصفيق، فهو في نظره "ليس أبا فحسب، بل ملك، ومعلم وأخ وصديق".حينذاك، وخلال الاحتفال الذي أقامته جلالة الملكة رانيا لجلالة الملك عبدالله الثاني في حزيران (يونيو) الماضي لتتويج "أهل الهمة" في المدرج الروماني بمناسبة الذكرى العاشرة لتولي جلالته سلطاته الدستورية "لم يكن خافيا بالمطلق، تعلق الأردنيين، وعلى رأسهم جلالته بكلمات الراحل الحسين".كانت المفاجأة عندما تزينت شاشات العرض بصورة الحسين، وصدحت كلماته في أنحاء المدرج، الذي امتلأ بـ"الحضور الكثيف"، وصمت الحضور للاستماع لوقع نبرة صوت الحسين رحمه الله.هذا التعلق بالراحل الحسين يبدو واضحا وجليا في كل مقابلة يجريها جلالة الملك عبدالله الثاني، عندما يسرد أحاديث وقصصا عن علاقته بالملك الباني الذي كبر، وكبرت معه مملكته، وهي تحمل نهضة تقدمية باتجاه العالمية.ولكل أردني مع الراحل الكبير، ذكرى ما يزالون بعد عشرة أعوام من تولي جلالة الملك عبدالله الثاني سلطاته الدستورية، يحفظونها بأدق تفاصيلها.يتحدث جلالة الملك عبدالله الثاني دوما بفخر عن علاقته بوالده، الذي لم يترك له وصية مكتوبة، فكان إرثه من العمل والبناء والمحبة والإخلاص والتفاني، هو الوصية لجلالته.وفي ذلك، يقول جلالته إن "الراحل الحسين ترك لي وصية شفهية، جلسنا مرات عديدة من قبل، وفي الأيام العصيبة الأخيرة من حياته، جلسنا وتحدثنا عن رؤيته وأهدافه لمستقبل الأردن".لم يبلغ جلالة الملك أبداً بأنه سيكون الملك المقبل، حسبما يعلق جلالته "فقد دعاني والدي، رحمه الله، للحديث معه وأبلغني أنه سيسميني ولياً للعهد قبل يومين من تسلمي هذه المسؤولية".يستذكر جلالته، "قال لي يومها تعرف أنني مريض جداً وعليّ العودة إلى مايو كلينيك، خلال 24 إلى 48 ساعة، وفرص نجاتي من العملية التي سأجريها محدودة جداً". خلال هذا الحديث المشحون بالعواطف، أدرك جلالته أن القضية ليست فقط تحمل مسؤولية ولاية العهد، فقد كان الراحل الحسين يخاطبه "إنني أسميك ولياً للعهد، لكنني قد لا أعيش طويلاً"، وهي الصدمة التي تحققت عندما واجه جلالته حقيقة أنه سيخسر الأب والملك وأعظم الرجال، في وقت قريب.كان جلالته وما يزال يمتثل لنصائح الملك الراحل، فأسرته الصغيرة كبرت بعد توليه مسؤولية الحكم؛ وهو ما عبر عنه جلالته في اليوم الأول لتوليه الحكم "كانت لي أسرة من أربعة أشخاص، والآن لديّ أسرة من أربعة ملايين، وهذه مسؤولية ضخمة لأنها تشمل الجميع: النساء والأطفال وكل أبناء أسرتي الكبيرة".جسد الملك الراحل طيب الله ثراه، على مدى سني عمره، أنبل المبادئ وأرفع القيم، وحقق للأردن نهضة شاملة في مختلف الميادين، حتى غدا الأردن في عهده منارة للتقدم والعلم والبناء، ومحط إعجاب وتقدير ومكانة دولية مرموقة، ما تزال ترتقي في عهد جلالة الملك عبدالله الثاني.وبقي الملك الراحل حريصا على تشجيع ابنه الأكبر، على الانخراط في الحياة العسكرية، فنشأ جنديا عربيا، انتسب إلى القوات المسلحة الأردنية منذ كان عمر جلالته ثمانية عشر عاما برتبة تلميذ مرشح، تدرج في الخدمة العسكرية ومارس جميع المهام والقيادات، وخدم في مختلف المجالات العسكرية.ومنذ تسلم جلالة المغفور له الملك الحسين سلطاته الدستورية في الثاني من أيار (مايو) 1953 وهو يجهد في بناء الدولة الأردنية في ظروف لم تكن سهلة أبدا، بسبب الأوضاع المحيطة والتحديات، بالإضافة الى قيود المعاهدة الأردنية البريطانية، ووجود قيادة أجنبية في أجهزة الدولة.فبدأ الملك الراحل، بخطوات جريئة وشجاعة، استهلها بتعريب قيادة الجيش العربي الأردني في الاول من آذار (مارس) العام 1956 وتسليم قيادته للضباط الأردنيين الأكفياء، ومن ثم إلغاء المعاهدة الأردنية البريطانية في آذار (مارس) العام 1957.وأولى الملك الراحل القوات المسلحة اهتماما خاصا بالتطوير والتحديث منذ البدء، لتكون قواتا متميزة بالاحتراف والانضباطية، حتى غدت عالمية، تُطلب للاشتراك بمهام حفظ السلام الدولية في مناطق النزاعات بالعالم. لذلك، كان بناء الأردن الحديث وإرساء دعائم النهضة الشاملة فيه، هاجس الحسين رحمه الله، الذي عمل على تحديث التشريعات وتكريس مبادئ الديمقراطية والتعددية السياسية وحقوق الإنسان.رحل الحسين وما رحلت مبادئه وأفكاره، تلك التي يستلهم الأردنيون منها رؤى العصر، ويؤكدون العزيمة على المضي قدما مع هاشمي يحمل الراية بقوة وإصرار، ويواصل مسيرة الأب الملك، فيمضي نحو المستقبل المشرق الواعد لوطن الخير والمحبة والسلام.ويبقى جلالة الملك الابن، معززا لما ورثه من الأب الباني، يقود الأردن نحو غد يرتقي فيه الوطن، وطنا للمعرفة والعلم والإنجاز، بهمة الشباب وبإخلاص ووفاء أهله الذين هم على العهد الهاشمي، لا تزيدهم التحديات إلا إصرارا على العمل والعطاء، وتصقل فيهم عزيمة البناء والتحدي وتبث في أعماقهم روح الأخلاق والمحبة.أشرف الراعي / الـغد
تفاصيل الخبر هنا... (http://www.jordanzad.com/jordan/news/117/ARTICLE/26864/2009-11-14.html)
تفاصيل الخبر هنا... (http://www.jordanzad.com/jordan/news/117/ARTICLE/26864/2009-11-14.html)