أميرة قوس النصر
11-21-2009, 03:16 PM
في عيدها السابع والثلاثين كان المجتمع قد منحها اللقب بجدارة، قررت ان تهدي نفسها اسطوانة لبيتهوفن نظراً لأن اهل البيت ما عادوا يحتفلون بعيدها خوفاً منهم على مشاعرها، لم تكن اسرتها الطيبة تدري أن كل عام انفقته إنما انفقته بسعادة ورضى وأنه يستحق منها احتفالاً على كل ما أنجزت فيه.......
كانت قد جعلت من غرفتها معقلاً لها ، جدران الغرفة المحاطة بورق الديكور القرميدي الفاخر تبعث الشعور بالدفء وكرسي الخيزران الهزاز في الزاوية ، مكتبتها، تلفازها وجهاز الحاسوب الانيق، كل شيء في تلك الغرفة يبث في الروح السكينة ، على احدى الجدران وضعت صور كل هؤلاء الذين آمنت بهم على مر العصور من ثوار وقادة وفنانين وساسة وصناع قرار......
عادت من عملها الذي كانت قد حظيت على مكانة طيبة فيه، تناولت غدائها على عجل ثم دخلت الى المعقل ، تصفحت بريدها الالكتروني ، جاملت بعض الاصدقاء ثم جلست على كرسيها ،اخذت كتابها وازالت العلامة التي كانت قد وضعتها بالامس على الصفحة التاسعة والخمسين وبدأت بالقراءة على انغام بيتهوفن، يحسبها الناظر للوهلة الأولى أميرة قادمة من إحدى عصور بداية التنوير، كانت تواظب دائماً على كل جميل من شأنه تهذيب النفس الأمر الذي جعلها تسمو فوق كل التفاصيل الصغيرة.....
تأملت الصفحة ثم شردت بين سطورها و عادت بذاكرتها إلى ماقبل 10 سنين مضت، كان الإلحاح عليها قد وصل إلى الذروة، فإما أن تتخذ عريساً وأن تؤسس أسرة "كيفما اتفق" وإلا فالويل لها من " نظرة" السيد مجتمع" ، قاومت تلك الهجمة بحكمة وهدوء وكانت واضحة في هذا الشأن فهي إما أن تتخذ "شريكاً" لتنشيء جيلاً وإلا فلن تبالي بنظرة "السيد مجتمع" ولا حتى بطول لسانه ، فتيات في مثل عمرها إختصرن الطريق، إرتدين فساتين ملونة، غمرن وجوههن بالمساحيق وطفن على الأعراس كتحف الجبصين فالوقت يمضي ولابد لهن من العثور على " التكملة" قبل فوات الآوان، معها الوضع مختلف تماماً فهي ليست "باحثة" و على الرغم من وجود الكثير من الرجال الرائعين إلا انهم لربما شكلوا ثنائياً أروع مع غيرها ، لذا فما كانت لتشعر يوماً بالضغينة حيال أي فرح وأي نجاح ولم تكن لتؤمن بأي إرادة غير إرادة الله الذي يصرف الأمر كيف يشاء.........
طرقات قوية على باب الغرفة افزعتها واخرجتها من تأملاتها ،كان أبناء اخوانها واخواتها الصغار قد اجتمعوا حولها بشغب وإنهالوا عليها تقبيلاً ثم راحوا يتوسلون اليها : ياخالتو ياعمتو طلعينا مشوار ، نظرت إلى أعينهم البريئة المتلألأة، رسمت شيء من الحزم على محياها وقالت لهم: إطلعوا برا لحتى أجهز حالي وأوديكم المشوار......
غادر الأطفال الغرفة فأخذت تجهز نفسها على عجل، أطلت على مرآتها سريعاً قبل أن تغادر فابتسمت: في عيدها السابع والثلاثين راضية هي عن نفسها كل الرضى لأنها لم تظلم شريكاً إتخذته "كيفما ما إتفق" ، راضية كل الرضا لأنها لم تظلم طفلاً لم تنشئه كما يجب، راضية كل الرضا لأنها حظيت بفرصة أن تكون ابنة واخت وعمة خالة جيدة حتى و إن حذف من قائمة مفراداتها مصطلح (الزوجة والأم)........
رحمة مريان
كانت قد جعلت من غرفتها معقلاً لها ، جدران الغرفة المحاطة بورق الديكور القرميدي الفاخر تبعث الشعور بالدفء وكرسي الخيزران الهزاز في الزاوية ، مكتبتها، تلفازها وجهاز الحاسوب الانيق، كل شيء في تلك الغرفة يبث في الروح السكينة ، على احدى الجدران وضعت صور كل هؤلاء الذين آمنت بهم على مر العصور من ثوار وقادة وفنانين وساسة وصناع قرار......
عادت من عملها الذي كانت قد حظيت على مكانة طيبة فيه، تناولت غدائها على عجل ثم دخلت الى المعقل ، تصفحت بريدها الالكتروني ، جاملت بعض الاصدقاء ثم جلست على كرسيها ،اخذت كتابها وازالت العلامة التي كانت قد وضعتها بالامس على الصفحة التاسعة والخمسين وبدأت بالقراءة على انغام بيتهوفن، يحسبها الناظر للوهلة الأولى أميرة قادمة من إحدى عصور بداية التنوير، كانت تواظب دائماً على كل جميل من شأنه تهذيب النفس الأمر الذي جعلها تسمو فوق كل التفاصيل الصغيرة.....
تأملت الصفحة ثم شردت بين سطورها و عادت بذاكرتها إلى ماقبل 10 سنين مضت، كان الإلحاح عليها قد وصل إلى الذروة، فإما أن تتخذ عريساً وأن تؤسس أسرة "كيفما اتفق" وإلا فالويل لها من " نظرة" السيد مجتمع" ، قاومت تلك الهجمة بحكمة وهدوء وكانت واضحة في هذا الشأن فهي إما أن تتخذ "شريكاً" لتنشيء جيلاً وإلا فلن تبالي بنظرة "السيد مجتمع" ولا حتى بطول لسانه ، فتيات في مثل عمرها إختصرن الطريق، إرتدين فساتين ملونة، غمرن وجوههن بالمساحيق وطفن على الأعراس كتحف الجبصين فالوقت يمضي ولابد لهن من العثور على " التكملة" قبل فوات الآوان، معها الوضع مختلف تماماً فهي ليست "باحثة" و على الرغم من وجود الكثير من الرجال الرائعين إلا انهم لربما شكلوا ثنائياً أروع مع غيرها ، لذا فما كانت لتشعر يوماً بالضغينة حيال أي فرح وأي نجاح ولم تكن لتؤمن بأي إرادة غير إرادة الله الذي يصرف الأمر كيف يشاء.........
طرقات قوية على باب الغرفة افزعتها واخرجتها من تأملاتها ،كان أبناء اخوانها واخواتها الصغار قد اجتمعوا حولها بشغب وإنهالوا عليها تقبيلاً ثم راحوا يتوسلون اليها : ياخالتو ياعمتو طلعينا مشوار ، نظرت إلى أعينهم البريئة المتلألأة، رسمت شيء من الحزم على محياها وقالت لهم: إطلعوا برا لحتى أجهز حالي وأوديكم المشوار......
غادر الأطفال الغرفة فأخذت تجهز نفسها على عجل، أطلت على مرآتها سريعاً قبل أن تغادر فابتسمت: في عيدها السابع والثلاثين راضية هي عن نفسها كل الرضى لأنها لم تظلم شريكاً إتخذته "كيفما ما إتفق" ، راضية كل الرضا لأنها لم تظلم طفلاً لم تنشئه كما يجب، راضية كل الرضا لأنها حظيت بفرصة أن تكون ابنة واخت وعمة خالة جيدة حتى و إن حذف من قائمة مفراداتها مصطلح (الزوجة والأم)........
رحمة مريان