المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مذكرات متخرج



شاهر جوهر
05-11-2011, 10:38 PM
مذكرات متخرج


شاهر جوهر

أسوء الاعوام عامٌ تفقد فيه ثقتك بنفسك أو بمن هم حولك ..لكنه ليس عام ٌ بكل ذاك السوء بالنسبة لي ...فأنا رجل طبيعي جداً..... مهووس بكتب الفلسفه ... لا أدخن وأعزب ... أحب الملوخيه ...واسكن مع والدتي ذات الستين خريفاً في بيت ملء التواضع حيطانه ...أحب مبادئ فردريك نيتشه كثيراً ...وأسمع لأدونيس بعضاً من إلحاده ... ولا تعجبني شيوعية أفلاطون أبداً ...لكنني مغرمٌ ببعض الأغاني الهابطه وبعضاً من موسيقا " عمر خورشيد" ..
قريتي جميلةٌ جداً وقبيحةٌ جداً أيضاً ... فهي في الربيع أجمل من عرائس الجان بأشجارها وزهورها وبهائمها... أما شتاءً فيلفها الطين من كل مكان ... حتى أنك إن دخلتها شتاءً ضننتها إحدى ليالي الحشر... يسمونها " صيدا الجولان " وهي إحدى قرى الجولان القريبه من وادي اليرموك المنكوبه بعدوان حزيران سنة 1967 والمحرره بنصر تشرين سنة 1973. وجلّ سكانها من البدو ..
في الواحد والعشرين من آذار سنة 1985 كان سوء الطالع أن ولدتُ لأبوين أميين بدويين . دائماً تحدثني والدتي عن بطولات والدي وعن إنجازاته التي ما رأيتها الى هذي اللحظه ، يقولون والقائل والدتي أن لوالدي تاريخ مشرف بالنظال الوطني وأنه إنخرط في صفوف الفدائيين في الستينات وأنه وأنه ......
وأخذت تلك الحكايه حيزاً من تفكيري وعندما كبرت وجدت أن أبي ماهو إلا مهرب بسيط يسكن على الحدود بين سوريا وفلسطين ولبنان والاردن في الستينيات والسبعينيات .. ربما كان يظن أن بلاد العرب كلها للعرب فعلاً حتى بالتهريب.... أما عن الثوره فما كان إلا كمرشد للفدائيين لا أكثر وكان واحداً من صفوف البعثيين البسيطين المؤمنيين بأهداف الحزب واللذين يحلمون بأمه عربيه واحده ترمى إسرائيل الى حيث لا نعلم . عندما علم والدي -قبل عشرين سنه - انه ميت لامحاله وعندما اخبره الاطباء ان اللوكيميا قد مشت في دمه ممشى النار من الهشيم . راح يلف بذراعه الطويله كتفي امي وماكنت اسمع منهم سوى الأنين ليس بالبكاء إنما بدمعه واحده فقط ...دمعه واحده هي كل هذا العجز في هذا العالم ..لم تكن تهمني أنّاته سابقاً لكنها اليوم تجري مني مجرى الدم .ومع ذاك كان الله حولنا يرفرف بأجنحة مرئية مخفيه جميله ..

مات والدي .... ولم يورثني سوى بعضاً من ديونه والكثير من آلامه التي حاولت جاهداً لإفنائها ... أما والدتي التي أورثتني جبهتها الضيقه وخوفها المبرر والغير مبرر هي الى الآن وستبقى أحلى ما أملك.. فانا الان ابن السادسه والعشرين وهو عمر ملائم للموت والحياة معاً .للمحبه والإكراه... وللفشل والنجاح معاً..والاهم هوعمٌر للتساؤلات الموجعه. هو كاذبٌ من يقول اننا فاشلون، وجميلون هم الحالمون يا رفيقي..لسنا سوى حجاره رميت في برك موحله ..سوى مفردات في عالم كثرت فيه التحزبات ..
كثرٌ هم رفاقي اللذين يرونني أبالغ في فهم الحياه وقله منهم يجدون معي ان الحياة ابتسامه ... وكثيرون هم اللذين يظنون أنني رجل صالح ....ربما صمتي الطويل والذي يعتقده البعض ( رزانه ) هو الذي جعلهم يعتقدوا ذلك ...لكنني رجل سيء ... أخفي خلف كل ذاك الصمت أو ما يسمونه " رزانه" الكثير من النوايا السيئه ... ليت الله لا يحاسب على النوايا ... وليت القانون في عالمي يزجرها بقواعد عقابيه رادعه ربما كانت حياتي أفضل ...
أحب النقاش في قظايا يجدها كثر حولي خطوط حمر يعاقب من يجتازها ..أحب الحديث في أمور كثيره كولادة الله ... وموت الله ...وتعدد الرجال للمرأه .وووو.لأني أعلم بأن الله ما هو بمستبد .. ولأنني مؤمن بأن الملحد الحقيقي ليس ذاك الذي ينكر الله الواحد ... الله الذات ... إنما هو الذي لا يتخلق بصفات العدل والمحبه والرحمه والتسامح والتي هي صفات الله الجوهريه... تعالوا لنتزوج بالمسجد ونحتفل بالكنيسه .. وما الضير في ذلك... تعالوا نغني ونرقص رجالاً ونسوه سوداًً وبيضاً ... تعالوا نبتسم ..وما الضير في ذلك..
لأنه كاذب ........ كاذب يا رفيقي ... كاذبٌ ذاك الذي يقول أن صراط الجنة معبدٌ بالأشواك وأن طريق جهنم مليء بالزهور ..

أعلم أنه في زمن الحرب يصعب الحديث عن الحب ...وأعلم أن بلدي سوريا اليوم تعاني مخاضاً كبيراً ...لكنني سأحدثك عن " مها "...
أحببت " مها " ...وهي فتاة تصغرني بعامين تقريباً ، ولا تبعد الكثير عن بيتي .. درست هي الارشاد النفسي في جامعة دمشق ..وأنا درست العلوم السياسيه أيظاً في دمشق ..مراراً كثيره كنت أصدفها بالجامعه ولطالما كنت أدفع عنها أجرة النقل عندما تصعد معي بالسرفيس .. وكان ذاك بدافع النخوه لا أكثر .... أما اليوم وبعد التخرج أصبحتُ أنا مدرساً للتربيه القوميه الاشتراكيه في الثانويه الوحيده في قريتي وهي أصبحت مدرسه في الروضه الوحيده في قريتنا أيظاً... لهذا جمعنا الله في طريق واحد عند كل صباح .. لكني لا أعلم إن كان الذي في داخلي هو ما يسمى الحب أم لا ... كما أسلفت لك كنت أدفع عنها الاجره في دمشق بدافع النخوه أما اليوم أجدني أدفع عنها بدافع غريب ... شيء يشبه التهتان يفتّر ساعةً ويجتمع أخرى ... لكنني أظنه دافع التجاذب ... نتحدث عند كل صباح بصوت خافت وضحكات عاليه .. لا تهمنا نظرة من أحدهم أو تعليق من آخر ... ما يهمنا هو الابتسامه ..مجرد رؤيتها تجعل قلبي يخفق بعصبيه ... أحببت إبتسامتها كثيراً ..أحببت تلك الشامه الصغيره على أنفها ... فعندما أراها من بعيد يشتد بأسي ويكون الماء هو والارض تحت قدماي سواء .وارى في تقاطيع وجهها صورة لاتشبه صور البشر الفنانين وان رؤية تقاسيم وجهها محببة الي .حتى ان شعر رأسي ينتصب قائماً على اطرافه عندما أراها تتمايل من بعيد .أليست طهارتها هي طهارتي وثورتها امتداداً لثورتي ؟ إذاً انا احبها .... أحبها اليوم اكثر وغداً اكثر وحتى بعد مليون عام اكثر ...




والله ولي التوفيق

العقيق الاحمر
05-11-2011, 10:45 PM
رائع ما كتب هنا من سطور
والمذكرات أروع ..كم هو راقي اسلوبك يا انت

ذكرتني باسلوب الكاتب نادر رنتيسي
دمتَ ودام قلمك وقلبك ايضاً:eh_s(7):

طوق الياسمين
05-11-2011, 10:47 PM
إذاً انا احبها .... أحبها اليوم اكثر وغداً اكثر وحتى بعد مليون عام اكثر ...


بصراحة رائعة كتباتك :SnipeR (87):

الوردة الاردنية
05-11-2011, 10:53 PM
كثير رائعة كتاباتك واروع من الرائع

شاهر جوهر
05-12-2011, 09:28 PM
والله خجلتوني يا جماعه ....وعن جد شكراً ......

و بتمنى تدعولي الله يهديني