المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العباءة احدى السمات للشخصية العربية



معاذ ملحم
10-10-2008, 10:08 AM
تعتبر العباءة العربية التي ينتشر ارتداؤها بين الرجال والنساء في الخليج والمغرب العربي إحدى السمات الرئيسية المميزة للشخصية العربية, ويعكس الإقبال الشديد عليها والحرص على ارتدائها -خاصة في المناسبات المهمة- اعتزازًا بالثقافة العربية, ورغم العولمة وما تستهدفه من محو الملامح الخاصة المميزة للشعوب والأمم, وإذاعة الثقافات الخاصة وصهر الجميع في القالب الغربي أو الأمريكي, فإن أحدث التقارير تشير إلى تزايد إقبال الشباب العربي في منطقة الخليج بشكل عام, والمملكة العربية السعودية بشكل خاص على ارتداء العباءة العربية, خاصة في المناسبات المهمة مثل الزواج وغيره.

والعباءة العربية مرادفة للعقال أو العمامة وهي المكون الأساسي للشخصية العربية عبر التاريخ فهي بطبيعة الحال صارت ترمز للحشمة والرصانة واتزان الرأي يعني كل أنواع السيادة ويرتبط بها معاني كثيرة كزي شرقي الهوية, يرتبط بمفهوم الرجولة في المجتمع الشرقي, فهي دليل عز وجاهة إلى جانب كونها من الزي العربي المشرقي الأصيل, وفي منطقتنا جرت العادة أن ترتدي العروس عباءة خالها وهو ما يسمى بعباءة الخال فوق ثوب الزفاف كتعبير عن حماية أهلها وأنها ابنة عز ومدللة وإلى ما هناك من معاني الفخر الاجتماعي

ولم يعد ارتداء العباءة العربية هذه الأيام كما كان بالأيام السابقة حيث كانت ترافق الرجل في كل أوقاته خاصة وجهاء القوم حيث أصبح يلبسها الشباب في المناسبات الوطنية وفي الأفراح لكنها تظل تلك الجوهرة ثمينة بقيمتها الاجتماعية و بالعرف العشائري والتي لا تخرج العروس إلا بها ويعتبر موسم الصيف من المواسم التي يكثر فيها الإقبال على شراء العباءة العربية; نظرًا لكثرة حفلات الزواج, وهناك "البشت" الصيفي الذي يصنع من قماش خفيف, وهناك "البشت" الشتوي الذي يصنع من الوبر, وهي أقمشة تصنع من صوف الإبل, وهناك نوع ثالث يستعمل في فصل الربيع ومع بداية الشتاء.

والعباءة الدمشقية ما تزال تغزل في سوق مدحت باشا بدمشق الذي يعد من أهم أسواق العبي في منطقة الشرق, منذ عهد المماليك وكان يعرف باسم سوق جقمق لبيع الثياب والقماش بالأذرع. وقد ذاع صيت هذا السوق المسقوف, بتخصصه بالعباءة الدمشقية التي منحت لسوق العبي صيته الذائع, لما تمتلكه هذه العباءة من جودة ومهارة وفن رفيع.

والعباءة المشغولة بأيدي النساء الدمشقيات لا تسمى باسم مدينتها كمقياس على جودتها بل تدعى باسم منشأ قماشها فأفضل العباءات وأجودها النجفية القماش, المزينة بالخيط الذهبي إما ألماني المصدر أو فرنسي, والمشغولة بأيدي الدمشقيات.

ويذكر ان أفضل الأقمشة التي يتم جلبها من النجف المصنوعة يدوياً من الصوف الطبيعي الخالص, وهو من أغلى الأصناف وكلما كان القماش النجفي صاف أي خال من العقد كان أفضل, وهناك من الأقمشة الغالية الثمن الرهيف الندني, رغم أنه قماش صناعي يعتبر من الأقمشة الفاخرة لكنه ليس بجودة النجفي حتماً, وكذلك القماش السوري وبر الجمل الطبيعي, الذي تشتهر به بادية الشام ويتميز بلونه الحنائي ومنه تصنع العباءات الشتوية, إلى جانب أنواع متعددة من القماش الصناعي المتوفر في الأسواق, أما بالنسبة لـ"لزري" (القصب) الذي تزين به العباءة ويسمى تخريج فهو من خيوط الذهب وأفضلها الألماني من ثم الفرنسي, وهذين يتميزان باحتفاظهما بلمعان الذهب لفترة طويلة جداً فلا يسود مع الزمن, مثل الأنواع الأخرى الرخيصة أو البازارية كالحلبي والهندي والياباني. وتعرف هذه الخيوط من لونها فغالبية الأنواع الرخيصة يميل لونها للاحمرار بعض الشيء.

وتتميز العباءة بكونها شغلا يدويا تقوم بها مجموعة من العاملات الماهرات وكلما زادت خبرة العاملة ارتفع ثمن العباءة بسبب ارتفاع اجر الشغالة لأنه حتماً ينعكس على إتقان الشغل, فالعباءة تستهلك 25 يوم شغل تستلمها ست شغالات كل واحدة منهن تعمل باختصاصها, ولا واحدة تكمل اختصاص الأخرى في شغل الزري (القصب), فيبدأ العمل أولاً بالحبكة ومن ثم الدكة وبعدها التحشاية ثم غرزة اللوزة, وبعد الانتهاء من الغرز تأتي البردغة لتسوية الشغل, ومن ثم يأتي الدق وهو دق القصب بالمطرقة لتلميع الذهب والدق وهذا يحتاج لدقة وحساسية عالية بالطرق لأن من شأن الطرق الخاطئ أن يفسد لمعان القصب. وشغل العباءات لا يحتمل الخطأ أبداً لصعوبة التراجع في الشغل كونه شديد الدقة ومن هنا تأتي أهمية الخبرة.

وتذكر الباحثة نفسها ان آلية إدارة العمل تتم من خلال ورشات نسائية تترأسها معلمة تدعى بالسوق (أماية), وهي تتولى التعامل مع التاجر فتأخذ منه المواد الأولية وتسلمه للشغالات, من ثم تسلم التاجر العباءات جاهزة للعرض والبيع. تحافظ الأماية على أسرار العمل فلا تسمح للشغالات بالتعامل المباشر بين التاجر والشغالات, كما لا تسمح بنزول الشغالة إلى السوق لعدة أسباب منها حتى لا تتجاوز الشغالة الأماية, وثانياً لأن الشغالات من صاحبات المناديل (المحجبات) ولا يسمح لهن مجتمعهن بالخروج إلى السوق, وأيضاً للمحافظة على سرية أسماء الشغالات بين تجار السوق الذين يتنافسون على استقطاب الأفضل منهن لما تمتلكنه من أسرار بالشغل والتفنن به.

فادي الحلو
10-10-2008, 11:40 AM
كلام صحيح و رائع يا معاذ

يسلمووو

The Gentle Man
10-10-2008, 12:28 PM
يسلموا يا معاذ

معاذ ملحم
10-11-2008, 06:02 PM
شكرا على مروركم الحلو

يسلموووو