بسم الله الرحمن الرحيم
ليس هناك أجمل من التواصل وشعور المرء أن هناك آخر يسمعه ويتأثر بكلامه، يشاركه لحظات السعادة البريئة ويخفف عنه هموم الحياة وأحزانها، وقتها تنطلق المشاعر الحبيسة وتغرد فى عش الزوجية مع شريك الحياة، او مع الحبيب..
أما افتقاد التواصل، فانه يجعل الحياة بين الزوجين كالموت ويحولها إلى صحراء جافة، لاينمو فيها سوى الملل والفتور والكراهية الصامتة بين الطرفين. ومع مرور الايام تصبح العلاقة كئيبة ومعتمة أو صامتة صمت القبور. لاشك ان العلاقة السوية تساعد الطرفين على الشعور بالتحقق والتوافق النفسى وتتيح الفرصة لكل منهما كى يتبنى أنماطا سلوكية ايجابية ومقبولة اجتماعيا . والأهم انها تسهم بشكل فعال فى اعادة اكتشاف الذات واستخراج الطاقات الكامنة وتنظيمها فى سياق مترابط يعطى للحياة أجمل معانيها . ويعد الصمت بين الطرفين احد الاسلحة الهدامة التى تقضى على التوقعات الايجابية المأمولة من الحياة الزوجية او العلاقة العاطفية ، والتى تجعل كل شاب او شابة يضحى بأشياء كثيرة ـ منها قدر من حريته الشخصية ـ فى سبيل تأسيس حياة زوجية سعيدة .
في العلاقات الزوجية، يترتب على الصمت الذي تغرق فيه العلاقة حدوث أزمة حقيقية فالزوج يشعر أنه يشقى في العمل، وأن زوجته لا تقدر تضحياته أو ما يبذله من جهد، والزوجة من جهتها، تشعر أن زوجها يهملها، وأنه يعاملها كما لو كانت شيئا من أشياء البيت، ليس أكثر، إنه لا يحترمها، ولا يستشيرها في أمر، ولا يهتم بمشاعرها، وإن فعل، فلكي يتجنب الإحراج أمام الآخرين فقط. من هنا يسود جو من عدم التفاهم، وعدم الثقة، نتيجة لانقطاع التواصل بين الزوجين. كما أن معدل الحديث بينهما قد لايتجاوز الدقائق يوميا، وقد يكون عن أمور تافهة لا أهمية لها، مثل شراء ملابس الطفل، أو ماذا تأكل غدا، وماذا قالت فلانة! هذا الانقطاع، وعدم التواصل، هو السبب الأكبر في سوء التفاهم وفي الانفصال الرسمى احيانا. فالطلاق العاطفي والنفسي قد يسبق الطلاق المادي، وحين يسود الصمت بين الزوجين، لا يعود هناك مجال للتفاهم، إلا إذا قرر الاثنان العودة .
من هنا .. فإن الإفصاح عن فحوى اية مشاعر سواء كانت محببة او مبغضة تقرب فردي العلاقة من بعضهما اكثر من الصمت .. ذلك القاتل الصامت الذي يدمر العلاقات الزوجية والعاطفية، فنحن البشر مميزون عن باقي المخلوقات بقدرتنا البالغة على التفكير والتعبير بوسائل شتى، فلماذا لا نستخدم هذه النعمة ونآثر الصمت، في حين ان من يحبنا ينتظر منا كلمة معبرة ترجع العلاقة الى سابق عهدها..
الإنسان لديه حق في حرية التعبير .. فلا تحرموا انفسكم من هذا الحق
مواقع النشر (المفضلة)