سنوات نضال السيدة ''م'' ومعاناتها كي تصل بطفليها اللذين تخلى عنهما والديهما بعد الطلاق إلى بر الأمان ذهبت أدراج الرياح.
فهي سعت طوال سنين عمرها نحو تأمين حياة أبنائها لتنقلهم من براثن الخوف والفقر إلى الاستقرار والعيش الكريم، رغم أنها تركت وحيدة بعد طلاقها ..دون شهادة .. ودون عمل... مع طفلين اكبرهما البنت قرابة الست سنوات.
ضنك العيش لم يقعدها مكتوفة الأيدي، فهي تابعت دراستها وهي تعمل إلى أن حصلت على ماجستير تمريض وهي تعمل الآن مديرة كلية تمريض في دولة خليجية.
طموحها لم ينسها أبناءها فالبنت ''س'' حصلت على ماجستير تمريض، والولد ''ح'' يحمل الآن بكالوريوس تمريض من جامعة العلوم والتكنولوجيا.
وكانت تطمح كي تضمن وظيفة مرموقة لولديها، إلا أنه بين ليلة وضحاها جاء من سرق حلمها وقضى على آمالها، ليس لشيء إلا لأنه الأب وبيده وفق القوانين كل شيء وله أن يتحكم بمصائر أبنائه حتى وإن لم يلتفت لهم طوال عمرهم.
قصة ''م'' رواها لنا ابنها ''ح'' المولود في الزرقاء، كونه المتضرر الرئيسي من قرار والده، إذ قال إن ''والدي دمر حياتي وشقيقتي.. لقد شردنا وقضى على أحلامنا...''.
وأضاف وهو يجهش بالبكاء:إن الأبواب قفلت بوجهه وتقطعت به السبل لا لشيء إلا لأنه ولد من أب كما وصفه ''بغير المسؤول، ولا يأبه الا بمصلحته''.
ويتابع أن حياته هو وشقيقته كانت تسير على خير ما يرام، مشيرا إلى أنه لم يلتق بوالده إلا بعمر 16 عاما، ومكان ذلك في مركز امني ، وخلال الفترة كانت الأم قد رفعت على الأب قضية نفقة ولم يلتزم بها.
ولفت إلى أن لحظة لقائه بوالده بدأت المتاعب والمشاكل، منوها أن له أخا غير شقيق من والده، فهو متزوج من ثلاث نساء، وأخوه يعاني هو الآخر جراء قرارات والديهما.
المشاكل بينه وبين والده كما قال ''ح'' أخذت تزداد تعقيدا ووصلت إلى الذروة قبل أربع سنوات، موضحا أن السبب يعود إلى أن والده طلب منه نقودا وبحكم أنه كان طالبا آنذاك لم يتمكن من إعطائه المبلغ المطلوب، فما كان من الوالد - وفق ''ح'' - إلا أن يتخذ قرارا مصيريا قلب حياة أبنائه من زوجتيه رأسا على عقب.
القرار وفق ''ح'' كان أن تنازل والده عن الجنسية الأردنية إذ اتجه والده إلى الجهات المختصة ووقع إقرارا على نفسه يفيد أنه ''مبعد من قبل الاحتلال الإسرائيلي''، لافتا أن في حينها لم يأبه إلى القرار خصوصا أنه وشقيقته كانا قد بلغا سن الرشد (18 عاما) قبل اتخاذ القرار.
لكن ما جرى مع أخيه ''م'' جعله يتنبه لخطورة الوضع، فأخوه أصبح فاقدا لجنسيته الأردنية بسبب تنازل والده عنها.
الآن ''ح'' بعد أن انتهت مدة صلاحية جواز سفره أصبح كما يصف نفسه '' بلا هوية و بلا مستقبل وبلا عمل... يحلم برؤية والدته وشقيقته الموجودتين في دولة خليجية، فهو لا يستطيع السفر لعدم وجود جواز سفر له.. بل انه دون جنسية''.
''ح'' يستصرخ مطالب المساعدة ومد يد العون له ليعود كيانه ومستقبله من جديد، ويتمكن من الالتقاء مع أسرته.
فهو الآن غير قادر على العمل، واضطر للتنازل عن ممتلكاته لوالدته التي منحته إياه سابقا، وحتى قرار الزواج أصبح مستحيلا، بسبب قرار فردي من والده الذي لم يستشرهم به.
وقال عدلت عن الزواج بعدما رأيت ما حصل مع أخي، فهو لغاية الآن لم يتمكن من تسجيل ابنه الذي يبلغ من العمر قرابة العامين، فخفت أن أنجب أولادا يعيشون في مشكلة كما أنا أعاني.
وبين أنه حاول بكل الطرق كي تعود له الجنسية لكن خطوة أبيه بالتخلي عنها كانت أقوى من أي إثبات.
شقيقته ''س'' الموجودة في إحدى الدول الخليجية نقلت معاناتها عبر الهاتف، فهي كل ما تريده إعادة الجنسية لها ولشقيقها، فهي لم تعرف وطنا غير الأردن، وتطالب أن تتمكن من رؤية شقيقها من جديد.
''ح''، ''س'' يستغيثان بإعادة الحياة لهما
مواقع النشر (المفضلة)