2
الكـاتـب:- هيام عوض
ما ساقني لدائرة ضريبة الدخل حاجتي لعمل " براءة ذمة" لوالدي المتوفى منذ أشهر وذلك بعد تحويلي من دائرة الترخيص و محكمة اربد الشرعية.
وصلت مكتب خدمة الجمهور و سجلت اسمي لأنتظر الدور فإذا بالموظف يبلغني أن جهاز الحاسوب تعرض لعطل وينبغي عليَّ الانتظار لحين إصلاح الوضع؛ ورغم ضرورة انجاز معاملتي عاجلاً إلا أنني مضطرة للانتظار كون باقي المعاملات لن تنتهي بدون براءة الذمة.
و بعد ربع ساعة بدأ الموظف بالمناداة إلى أن وصلني الدور اتجهت متفائلة فعلمي بوالدي لم يتوانى يوماً بدفع مستحقات الحكومة من ضرائب و غيرها و توقعت أن أنهي معاملتي بخمس دقائق.
لقنت الموظف الاسم و سلمته الأوراق المطلوبة؛ و بكبسة زر أخرج ورقة من الطابعة وقال لي " ملف والدك بمأدبا" فاجئني بقوله لأن علمي بوالدي لم يقدم حتى على زيارة لمأدبا؛ فقلت له مباشرة " غير معقول؛ والدي لم يزر مأدبا بحياته و منذ عام 1985 و هو مستقر في اربد لم يراوحها إطلاقا".
حتى بدأ مسلسل المراجعات بين الموظفين و بكل مرة أخرج ورقة من أوراق والدي الثبوتية للتأكد من الرقم الوطني و النتيجة دوماً واحدة أن والدي موظف بمأدبا ،و مسجل له ملف إلكتروني و الملف لا يحوي بيانات و لشدت تمسكي بكلامي و إدراك الموظفين أن المعني شخصاً آخر يحمل نفس الرقم الوطني الخاص بوالدي .
لم يستطع احد تفسير ما حدث ولذا بقيت أدور كالرحى ما بين المكاتب حتى يتيقن أحدهم أنني لست معنية بخطأ لم أتسبب به أنا؛ حتى أشفق على حالي موظف جزاه الله خيراً حيث عاد للملف الإلكتروني في مأدبا و أخرج رقم هاتف من ذاك الملف و بعدها أدخل الرقم على استعلامات الاتصالات و أخرج اسم صاحب الملف ليتبين أن الاسم فيه مقطعين يتطابقان مع اسم والدي و من ثم أخذ الاسم و أدخله في السجل المدني ليظهر أن الآخر لا يحمل رقماً وطنياً.
و حبذا لو انتهى الوضع بهذه المعلومات فلم يقتنع الآخرين بهذه النتيجة ، حتى صعدت للمدير الذي شعر بمعاناتي و عمل جاهداً لإنهاء الوضع حتى عُمل على تحويلي إلى تحقيق أنهي به الأمر.
بدأ الموظف التحقيق ليعلمني أنه سيحقق معي كوني ابنة للشخص المثبت لديهم ملفه الإلكتروني؛ و طبعا رفضت و أعلمني أنه على ثقة أنني أنا ابنة الشخص الآخر و أن والدي ذهب إلى مادبا و عمل بها كموظف و سجله موثق و لو كنت على صواب فمن أين جاء ذاك الآخر ؟
و بعد تجاوز عقارب الساعة الرابعة عصراً فتح التحقيق و أدليت بأقوالي، أنني لا أعرف بذاك الآخر وقلت ما أعرفه عن والدي و عن مصدر إعالته و أقفل المحضر.
و بالفعل تم العمل عاجلا و تسلمت ورقة براءة الذمة في الساعة الرابعة والنصف .
و لكن سؤال بقي عالقا في ذهني ، ماذا لو تكرر الوضع ما آخرين و ما بال صاحبنا القاطن بمأدبا ؟
كان بودي أن أخبره أن ملفه الآن في دائرة ضريبة الدخل أصبح نظيفا و لكن عز علي إبلاغه أنه أصبح في ذمة الله.
بقي أمر لم آتي على ذكره، ذاك الموظف الحذق الذي ما إن وقع ملفي بيده حتى نسي أمر الرقم الوطني و سبب تواجدي في مكتبه و بادر باستغلال الوضع ليخرج الكلام من فمي عنوة و أقرُّ له عن مصدر رزق والدي قبل الوفاة و من أين كان يعتاش و من كان يعيله و ما تدور في رصيد أملاكه منذ أعوام، و بدأ يستفزني بالأسئلة و كأنني جئت أمرا جلل و هيئ لي ساعتها أنني أخضع لتحقيق في جهة أخرى.
مواقع النشر (المفضلة)