في زمننا هذا .. زمن التكنولوجيا ز الفضائيات .. زمن أصبح العالم فيه قرية صغيرة .. يعيش العربي عصرا يكتنفه القلق العميق
على واقع الأمة العربية .. فلم يحدث من قبل أن عشنا _ نحن العرب _ في مثل هذا الواقع المر .. على الرغم مما حققناه من
تقدم في أكثر من صعيد ..
فلم يعد هناك استعمار سياسي مباشر و معركة الإستغلال الإقتصادي تدور رحاها في أكثر من موقع عربي .. و لقد تزايدت أعداد
العرب الذين يجيدون القراءة و الكتابة و يدخلون الجامعات .. إلى جانب الإقبال المتزايد على استخدام التكنولوجيا الحديثة .. !!
و برغم ذلك كله ما زلنا نعيش أزمة هي في أساسها :
( أزمة العقل العربي )
من مظاهر هذه الأزمة ما يمكن تسميته بالمرض العربي .. و بعض أعراض ذلك .. النقد العميق و الجارح في بعض الأحيان للذات
_ الذات العربية _ حتى خيل للبعض منا أننا لم نعد راضين عن أنفسنا و عن سلوكنا .. !!
مظاهر أزمة هذه ليست مقصورة على العرب وحدهم .. و على أوضاعهم .. فقد مرت بها شعوب أخرى في أوقات الهزائم
و النكسات أو قل النكبات .. فتارة كان ( المرض الروسي ) عندما كان مثقفو روسيا قبل الثورة البلشفية يصفون مجتمعهم بالكسل
و الثرثرة .. وكيف أنه لم يعد يصلح لشيء .. !! و كذلك كان المرض ( مرضا فرنسيا ) و بخاصة بعد هزيمة فرنسا أمام جيوش الغزو
الهتلرية في مطلع الحرب العالمية الثانية .. فكان الأدب الفرنسي يعج بالنقد الجارح و العميق لكل مظاهر الحياة الفرنسية ..
و استمر ذلك إلى سنوات نا بعد التحرير ..
و من أعراض( المرض العربي ) كما يجمع الكثير من التقاد و الأكادميين .. قيول العلاقات غير المتكافئة .. و تقديس الذات و احتقارها
و الشك و الفردية .. و القبلية أو الولاء للطائفة و العشيرة .. و العداوة المفرطة أو الولاء بلا حدود .. و التنافس الغير المقنن ..
و التسلط و العزوف عن البحث عن المجهول .. و أخيرا تلك الهوة التي تفصل بين النظرية و التطبيق .. !!
هذه العلل ليست جديدة فقد كانت سائدة لدى الكتاب و النقاد في أمم غيرنا مرت بمحن عميقة .. لهذا فإن مظاهر الأزمة ليست
فريدة .. و أعراض المرض العربي أيضا ليست جديدة .. !!
و نجد أنفسنا في حيرة .. من أين نبدأ .. ؟؟
هل الأولى بنا البحث في أسباب هذا المرض العربي الذي ألم بنا _ نحن العرب _ ..؟؟
فنتسائل هل هي مظاهر عارضة تزول بزوال أسبابها .. ؟؟
أم هي أعراض مقيمة باقية لافكاك منها .. ؟؟
مواقع النشر (المفضلة)