[align=center]
لم يكن بقاؤهما معاً ليجدي نفعاً .. كان وقتاً ضائعاً في عُرف الأحلام .. كان - على غير عادة العشق - مبعثاً للاغتراب لهما الإثنين .. فلم يستطع الحب أن يجد التقاءً لخطين متوازيين !!
وقف بجانبها و الحب يهطل داخل قلبه .. كان الشتاء مُسيطراً تماماً على نبضات قلبه .. و زهور الحب تتناسل من أحداق عينيه و تطل من ارتعاشة شفتيه .. و لهفة العشق مثل سرب من الفراشات غادية رائحة بينهما كأنها مُترجماً للصمت الرهيب الذي أطبق عليهما
فوقف عصفورٌ يبلغ من العمر سنتين على غصن شجرة قريبة .. لأنه لطالماً ارتحل طلباً لتعلم العشق .. فهتف به منادياً من السماء أن عليك بهذين العاشقين
فقاطعت الصمت كما يفعل الناي إذا كسا صوته الحزن :
- حبيبي ، يا عشقي الأوحد ، يا نوراً تلألأ بداخلي ، يا منارةً أُشرف منها على أحلامي ، ها قد أزفت شمسنا ، و بدأت ملامس الدجى تعتري قلبينا ، ها قد تسللت لجوهرة عشقنا أشواك لم ندرِ من أين خرجت ، فما ترى يا نور عينيّ ، لبيك عشقي ، فكلي رهنٌ لسعادتك
فقال و كأن كلماته تخرج من بئر عميق يعرش الحزن عليها :
- يا روح قلبي ، و انتهاء أملي ، يا فردوس طموحي ، و أفق سعادتي ، يا نهراً ينساب كأنه العطر من أزلي لأبدي ، يا زهرة كأنها البدر تنير لي أسارير نفسي ، ما علمت والله أي داء أصابنا ، أهو الجنون ، أهو عشق لم يُخلق بعد ، أهي لعنة تصيب بعض العاشقين ؟؟؟
ها نحن يا حبيبتي نحمل العشق بين يدينا كأنه الدنف المتهالك ، الذي تتخبط بأنحاء جسده الروح علّها تجد مخرجاً لفضاء الكون
ها نحن يا طفلتي ، نقف حائرين و قد سُلبنا الوسائل و ما عاد لنا إلا ذلك المنفى الذي يُقبر به العشاق
كانا لا يزالان على أمل أن تحل عليهما نسمة مُباركة من السماء ، واذ بكل الجحيم المترائي أمامهما الآن يستحيل روابياً غنّاء ، أو تخرج من باطن الأرض غيمة خرافية تصعد بهما لعليين العشق ، فلا اضطراب بعد اليوم ولا حيرة
لكن الزمان لا يأتي - عادةً - بما يشتهي العشاق ، و كانت بين ستائر القدر تكتمل الرواية بما فيه المأساة لهما
الفراق !!! .. لم يجرؤ أي منهما أن ينطقه .. ثم بعد جولة أخرى من الصمت صرخا سوياً و كأن مسّا جنيّا قد أصابهما :
لا لا لا لا ، لا والله ، لا كان الفراق ، ماذا نقول للأحلام إذا أطلت برأسها من بين أوراق الأيام ، كيف نهرب من الذكريات إذا استغلت فرصة الشتاء و أخذت بالتحرش بالذاكرة ، و نار العشق التي ما تزال تتقد بداخلنا كأنها أتون فرن حطبه الوقت كيف نهرب منها ، أبالفراق ؟؟
لقد قالا تلك الكمات و شعرا بإعياءٍ نفسي و جسدي شديد .. كأنها كانت مناورة أخيرة .. أشبه بحرب استنزاف ضد الحقيقة
ثم عاد الصمت سيد الظلام لبرهة أخيرة من الزمن ..
إذاً حانت تلك اللحظة الجهنمية .. هاي هي بكل شخوصها المُهلكة تتمثل أمام قلبيهما .. ها هي اللوعة تملأ قلبيهما .. يرتجفان على كف الليل كوردتين في أصل إعصار
قال بنفسه : رباه أعنها أن لا تقول تلك الكلمة قبل أن يغلق القدر هذه الليلة ، رباه أعنها أن لا تقتلني و نفسها بتلك الكملة
فاضطرب القلب ، و اغرورقت الأحداق ، و ارتعشت أصابع اليدين ، و تسمرت الشفاه ، وأحدقت الروح بلحظة النهاية
فقالتها : أُحبك ..
و سرقت أصابعها من بين يديه و ركضت هاربة منتحبة .. كما يهرب العمر إلى اللانهاية ..
و كذلك فعل ..
و ما عرفا أنهما ارتكبا جريمة قتل عصفور ..
13 - 9 - 2009
الساعة 7:15 صباحاً
[/align]
مواقع النشر (المفضلة)