مقال اعجبني احببت ان انقله لكم :
رمزي الغزوي ,
كعصافير باغتها المطر كنا ننام باكراً ، بعد أن نخلع عنا بعض تعجلنا ونغمض نصف عين ، فعلَّ العيد لا يتلكأ بالمجيء ، وعله يأتينا راكباً نجمةً تحط قرب الشباك ، أو فوق توتة الدار ، فلماذا تتلكأ الأعياد؟؟، ، ولماذا نشرق باللهفة حينما يداعبنا طيفها القديم ، حتى لو صرنا آباء لأطفال صارت تشاغلهم بدلاً عنا ثياب العيد ، فكيف سننسى أمنا إذ تتغافل عن نومنا بثيابنا الجديدة ، التي أرهقناها تجريباً ومباهاة أمام المرآة والأصحاب والجيران،. كأنك في لجة نوم أو أول حلم ، إذ تفتح عينيك على عجل ، فتتلقفك تضرعات المآذن وتكبيراتها ، فترمي طرف اللحاف ، لتأخذ نفساً ملء شهقتين: لتسحب كل غيوم القهوة العابقة في سماء البيت: فلا شيء يشعرك بالعيد إلا القهوة وهيلها الفواح،،: فكل عيد لا يبتدئ بالقهوة لا يعول عليه ، فتهرع إلى جدك المقرفص قرب موقد النار ، المترنم بدق المهباش ، بعد أن يلقمه حفنة من البن المحمص ، فتراقصك النغمات والإيقاعات ، وتنسى أن تغسل عن جفنك بقايا النوم ، وتطير للعيد بأجنحة من شوق وصخب،،،. وكم كنت ستفرح إن طلت تلك البنت النعومة بشعرها المجزول كذيل فرس جموح ، تأتي مع كمشة بنات لباب الدار ، فتعرض عليها أن تؤرجحها حد السنونو البعيد ، بأرجوحتك المنصوبة بجذع التوتة: فتقبل البنت وتطير كسحابة عطر ، وتطير معها السنون ثم نشيخ ، وما زال في البال ذيل فرس مجنون يلوح ، وقلبك معه يلوح: ألا رد لنا حبنا البعيد أيها العيد،،. والناس لا يتركون زيارة الأموات ، لقراءة الفاتحة على ترابهم الدامس ، لكنهم يتجاهلون أن يصافحوا الأحياء من جيران وأقارب أو يقرؤونهم السلام ، لربما كان الناس أجمل ، يتصافحون بقلوب تودّ لو تقفز من قفص الصدر ، تشارك في العناق ، كانوا يتزاورون ويتناولون زيتاً وكعك عيد ساخناً. الناس كانوا وروداً مشوّكةً أحياناً ، أما الآن.. فلربما غدوا شوكاً بلا أدنى وردة،،،. في هذا العيد وككل عيد ، يعجبني أن ابقى طفلاً ، ولهذا لا بد وأنسى هفوات أصدقائي ، ومعارفي أو أصفحها: لا بدَّ سأنسى أو أتناسى ، فنحن في هذا الوقت الصعب نحتاج لنسيان أخطائنا أو تناسيها ، أكثر من حاجتنا أن نصفح عنها،، ، فدعونا نخرج من بيوتنا ونكبًّر فينا العيد ، ونؤجًّجه في دواخلنا،.
مواقع النشر (المفضلة)